«فينكس» تحذّر من تداعيات سياسات اللجوء الأوروبية على الأطفال السوريين

«فينكس» تحذّر من تداعيات سياسات اللجوء الأوروبية على الأطفال السوريين
الأطفال المنفصلون عن ذويهم- صورة تعبيرية

أوقفت العديد من الحكومات الأوروبية، ومن بينها اليونان، البت في طلبات اللجوء المقدمة من السوريين وعديمي الجنسية القادمين من سوريا في نهاية عام 2024، وفقا لمنظمة منظمة "فينكس" للمساعدات القانونية الإنسانية.

ووفقا لبيان نشرته "فينكس"، اليوم الأربعاء، اتخذت السلطات هذا القرار في ظل تغير الأوضاع داخل سوريا، حيث فضّلت انتظار استقرار المشهد السياسي والحقوقي قبل إصدار أي قرارات نهائية بشأن اللاجئين، وأدى هذا الإجراء إلى تعقيد أوضاع آلاف اللاجئين الذين لا تزال ملفاتهم قيد الدراسة، ما وضعهم في حالة من عدم اليقين القانوني والاجتماعي.

وشددت المنظمة الدولية غير الربحية، على تفاقم الأزمة بالنسبة للأطفال السوريين الذين انفصلوا عن ذويهم، ليجدوا أنفسهم عالقين في دوامة بيروقراطية لا تراعي خصوصية أوضاعهم الإنسانية.

عراقيل قانونية معقدة

واجه الأطفال السوريون الذين فقدوا والديهم أو انفصلوا عنهم صعوبات قانونية شديدة داخل منظومة اللجوء اليونانية، وعرّفت السلطات هؤلاء الأطفال بأنهم "منفصلون" إذا كانوا برفقة أقارب لهم، لكن دون وجود والديهم أو مقدمي الرعاية الأساسيين.

واضطر العديد من الأطفال إلى العيش مع أعمام أو أجداد أو أشقاء بالغين، والذين سعوا إلى الحصول على الوصاية القانونية لضمان حمايتهم، وسمحت القوانين اليونانية للأقارب البالغين بالتقدم بطلب الوصاية إذا أثبتوا صلتهم العائلية وكان ذلك في مصلحة الطفل الفضلى.

لكنْ تعثرت إجراءات اللجوء بالنسبة للأطفال الذين يرافقون أقارب حصلوا بالفعل على وضع لاجئ قبل تعليق القرارات، وخلق ذلك وضعًا شائكًا حيث امتلك بعض أفراد العائلة الواحدة تصاريح إقامة قانونية، في حين ظل الأطفال تحت وصايتهم بلا أي وضع قانوني واضح، ما أجبرهم على البقاء في المخيمات بانتظار قرارات قد تتأخر لشهور أو حتى سنوات.

آثار التأخير البيروقراطي

تفاقمت معاناة الأطفال بسبب التباين في أوضاعهم القانونية مقارنة بأقاربهم الحاصلين على الحماية الدولية.

وأجبر ذلك العديد من العائلات على العيش في حالة من التشتت، حيث تمكن الأقارب البالغون من الانتقال إلى أماكن إقامة أفضل داخل اليونان أو السفر إلى دول أخرى، بينما ظل الأطفال محتجزين فعليًا داخل مراكز اللجوء في الجزر اليونانية.

وأدى هذا التأخير إلى حرمان الأطفال من حقوق أساسية مثل الحصول على تعليم مستقر، والوصول إلى خدمات صحية ملائمة، والعيش في بيئة آمنة.

وعانت الأسر التي حصل أحد أفرادها على صفة اللجوء من مشكلات إدارية كبيرة بسبب عدم شمول القرار للأطفال التابعين لهم، وقال أحد اللاجئين السوريين المتضررين: "بعد سبعة أشهر من الانتظار، حصلت أخيرًا على قرار اللجوء الإيجابي، ولكن بعد مرور شهرين، ما زلنا ننتظر القرار الخاص بحفيدي البالغ من العمر خمس سنوات".

الظروف المعيشية في المخيمات

تدهورت ظروف المعيشة في المخيمات اليونانية بسبب الاكتظاظ وسوء الخدمات، ما جعل الأطفال السوريين يواجهون تحديات إضافية تفاقم أوضاعهم النفسية والصحية. 

وافتقرت العديد من المخيمات إلى الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم، حيث اضطر اللاجئون إلى الإقامة في حاويات مكتظة أو خيام غير صالحة للسكن، وعانوا من نقص في المياه الساخنة، وتناولوا طعامًا منخفض الجودة، وتعرض الأطفال بشكل خاص لمخاطر الأمراض المعدية، في ظل ضعف الخدمات الطبية ونقص الرعاية الصحية اللازمة.

وعانى الأطفال من صعوبات في الحصول على تعليم منتظم، حيث اقتصرت خياراتهم على البرامج التعليمية غير الرسمية التي تقدمها المنظمات غير الحكومية. 

وواجه الكثيرون مشكلات في الاندماج داخل النظام التعليمي الرسمي بسبب تعقيدات الإجراءات الإدارية، ما زاد من عزلتهم وأثر على فرصهم في مستقبل أفضل.

الحاجة إلى استجابة عاجلة

تطلبت هذه الأزمة تحركًا عاجلًا من السلطات اليونانية لضمان حقوق الأطفال اللاجئين، لا سيما المنفصلين عن ذويهم، وأكدت القوانين الدولية واليونانية ضرورة حماية مصلحة الطفل الفضلى كأولوية قصوى، وهو مبدأ أساسي تكرسه اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.

واعتبرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل أن الأطفال المنفصلين عن أسرهم هم من بين الفئات الأكثر عرضة للمخاطر، ما يستوجب منحهم اهتمامًا خاصًا في إجراءات اللجوء.

ودعت منظمة "فينكس"، العاملة في جزيرة ليسبوس، السلطات اليونانية إلى استئناف البت في طلبات اللجوء الخاصة بالأطفال الذين يعيشون تحت وصاية أقاربهم الحاصلين على حماية دولية.

وشددت على أن تعليق الإجراءات الإدارية لهؤلاء الأطفال يضر بمستقبلهم ويخالف المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.

السياسات والالتزامات الإنسانية

شهدت سياسات اللجوء الأوروبية تغيرات كبيرة خلال السنوات الأخيرة، إلا أن تعليق قرارات اللجوء للسوريين أثار انتقادات واسعة، ورأى خبراء حقوق الإنسان أن مثل هذه القرارات ينبغي أن تراعي الحالات الفردية بدلاً من اتخاذ نهج جماعي يؤثر على جميع المتقدمين بالطلبات.

وأكدوا أن تقييم الأوضاع في سوريا لا يمكن أن يكون مبررًا لتعليق طلبات اللجوء بشكل غير محدد، خاصة وأن البلاد لا تزال تشهد أوضاعًا سياسية وأمنية غير مستقرة.

وأثرت هذه السياسات على اللاجئين السوريين بطرق مختلفة، حيث وجد البعض أنفسهم في مأزق قانوني بسبب قرارات لم تأخذ في الاعتبار تعقيدات وضعهم الإنساني.

وفي ظل استمرار تعليق الطلبات، بقيت حياة الأطفال المنفصلين عن ذويهم معلقة، بلا قدرة على الحصول على حماية قانونية أو إعادة بناء مستقبلهم في بيئة مستقرة وآمنة.

ودعا ناشطون في مجال حقوق الإنسان السلطات الأوروبية إلى مراجعة سياساتها وإيجاد حلول تضمن سرعة معالجة ملفات اللجوء للأطفال، مع التركيز على مصالحهم الفضلى كأولوية تتجاوز الحسابات السياسية.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية